أزمة العالم الرأسمالية الكبرى لسنة 1929
مقدمة: اندلعت الأزمة الاقتصادية الكبرى للعالم
الرأسمالي سنة 1929، وكانت انطلاقتها من الولايات المتحدة الأمريكية لتنشر في أغلب
دول العالم ماعدا الاتحاد السوفياتي.
-فما عوامل ومظاهر
هذه الأزمة؟ وكيف انتشرت في أغلب دول العالم؟ وما نتائجها؟
-وما هي التدابير
المتخذة في الولايات المتحدة وألمانيا لتجاوزها؟
I.
العوامل المفسرة لاندلاع الأزمة
ومظاهرها وامتدادها الجغرافي ونتائجها
1-العوامل المفسرة لاندلاع الأزمة
الاقتصادية الكبرى: فالنظام الرأسمالي تتناوبه فترات ازدهار وانكماش والحالة
الأخيرة التي شهدها سنة 1929 ارتبطت باحتلال مالي على الصعيد العالمي بفعل هيمنة
الولايات المتحدة على نصف الرصيد العالمي من الذهب والقارض الأساسي خاصة للبلدان
الأوربية، اختلال الأسواق بفعل تطبيق السياسة الحمائية وتراجع الأسعار لكون العرض
يفوق الطلب، إضافة إلى المضاربات المالية التي رفعت قيمة الأسهم بشكل لا يوازي
فوائد الإنتاج
2-انطلاق
الأزمة الاقتصادية الكبرى ومظاهرها في الولايات المتحدة: اضطر المساهمون إلى عرض 13 مليون سهم في 24
أكتوبر إثر تراجع فوائد صناعة النسيج والسيارات وركود الصناعات المعدنية، فانهارت
قيمة الأسهم. فانتقلت الأزمة إلى المؤسسات البنكية بفعل ضعف القدرة على استرجاع
القروض ومساهمتها في المضاربات المالية.
فتعرضت أغلب
المقاولات إلى الإفلاس نظرا لغياب الممول الرئيسي لها وكساد الإنتاج، في حين لم
يتمكن الفلاح من تمويل العمليات الفلاحية نظرا لتراجع أرباحه بانخفاض أسعار
المنتوج الفلاحي. فتطور الأمر إلى الاستغناء عن اليد
العاملة فارتفع معدل البطالة ليصل 13 مليون عاطل سنة 1932، وحاولت بعض المقاولات
مواجهة الأزمة بتخفيض الأجور أو ساعات العمل.
3-الامتدادات الجغرافية للأزمة الاقتصادية الكبرى:
انتقلت الزمة إلى البلدان الأوربية ابتداء من سنة 1930 إما بفعل السحب
المتبادل للقروض و الاستثمار والمساعدات( ألمانيا النمسا) أو بفعل انسحاب التجارة
العالمية لنهج الحمائية (انجلترا اليابان) وكذا نظرا للتخلي عن الذهب كقاعدة لصرف
العملات (فرنسا).
فانتقلت الزمة بعد
ذلك إلى المستعمرات نظرا للاستغناء عن صادرتها الرئيسية في تجارتها الخارجية من
المواد الأولية وخاصة المعدنية الخام. بينما لم تصب الأزمة الاتحاد السوفياتي نظرا
لاستفادته من سياسة التخطيط وعدم ارتباطه بنطام النقد العالمي.
4-نتائج
الأزمة الاقتصادية الكبرى: مادامت الأزمة ارتبطت بارتفاع كبير في
الإنتاج في مقابل تراجع الاستهلاك انخفضت السعار، وبفعل كساد الإنتاج وغياب الممول
الرئيسي للمقاولات تراجعت الاستثمارات وأغلقت الكثير من المؤسسات الإنتاجية
ابوابها فترتب عن ذلك ارتفاع معدل البطالة في حين لجأت العديد من الدول إلى تطبيق
السياسة الحمائية مما أدى إلى انكماش التجارة الخارجية.
II.
تدابير مواجهة الأزمة الاقتصادية
الكبرى في الولايات المتحدة وألمانيا
1-الخطة
الجديدة للرئيس الأمريكي روزفلت: مرت من مرحلتين الأولى امتدت من 1933 إلى
1934 وارتكزت على تدابير ذات بعد اقتصادي بوضع المؤسسات البنكية تحت مراقبة الدولة
وتقديم قروض لها وتخفيض قيمة العملة ومنع تصدير الذهب، مراقبة الدولة الإنتاج
الصناعي، تقدم مساعدات للفلاح على تخفيض إنتاجه واسترجاع أرضيه من الدائنين.
الثانية امتدت من 1935 إلى 1937 وارتكزت على تدابير ذات بعد اجتماعي منها انجاز
مشاريع كبرى من طرف الدولة لتوفير الشغل وتحديد ساعات العمل والحد الأدنى للأجور،
وضع قانون فأغير للحرية النقابية، وأخيرا الأمين على البطالة والعجز والشيخوخة.
وإذا كانت هذه
الخطة مكنت من إنعاش الاقتصاد الأمريكي ومعالجة المشاكل الاجتماعية وساهمت في دعم
السلطة الفيدرالية وسلطة الرئيس على باقي السلط وشجعت مبدأ تدخل الدولة في الاقتصاد، إلا أنها واجهت معارضة من طرف الملاك
ورجال الأعمال بدعوى تنافي مقتضياتها مع الدستور.
2-النمودج
الألماني لتجاوز الأزمة الاقتصادية الكبرى: اعتمد أدولف هتلر مخططات رباعية لمواجهة
الأزمة خلال الفترة المتراوحة بين (1933-1945) ففلاحيا خلق وحدات معيشية (تعاونيات)
ومنع تجزئ الأراضي "الأربوف" بينما اقتصر تدخله في الصناعة على التوجيه
دون المس بها لصالح الرأسمالية اما تجاريا فسياسته التقشفية دفعته إلى نهج يقوم
على الاكتفاء الذاتي وتطبيق المقايضة واجتماعيا ولمواجهة البطالة خلق مشاريع كبرى
وشجع التجنيد. وعلى مستوى سياسته الخارجية شرع في تطبيق سياسة المجال الحيوي لإيجاد
حل للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية لبلده.
خاتمة: إذا كانت البلدان الرأسمالية تجاوزت الأزمة بنجاح، فإن
السياسة التوسعية التي ستعتمدها الديكتاتوريات لمواجهة الأزمة ستشكل عاملا من
عوامل اندلاع الحرب العالمية الثانية.
شكرا
ReplyDeleteالله يوفقك يارب
ReplyDelete